يخبر تعالى عن اليهود ، عليهم لعائن الله ، أن منهم فريقا يحرفون الكلم عن مواضعه ويبدلون كلام الله ، ويزيلونه عن المراد به ، ليوهموا الجهلة أنه في كتاب الله كذلك ، وينسبونه إلى الله ، وهو كذب على الله ، وهم يعلمون من أنفسهم أنهم قد كذبوا وافتروا في ذلك كله ، ولهذا قال : ( ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون )وقال مجاهد ، والشعبي ، والحسن ، وقتادة ، والربيع بن أنس : ( يلوون ألسنتهم بالكتاب ) يحرفونه .وهكذا روى البخاري عن ابن عباس : أنهم يحرفون ويزيدون وليس أحد من خلق الله يزيل لفظ كتاب من كتب الله ، لكنهم يحرفونه : يتأولونه على غير تأويله .وقال وهب بن منبه : إن التوراة والإنجيل كما أنزلهما الله لم يغير منهما حرف ، ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل ، وكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم ، ( ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ) فأما كتب الله فإنها محفوظة ولا تحول .رواه ابن أبي حاتم ، فإن عنى وهب ما بأيديهم من ذلك ، فلا شك أنه قد دخلها التبديل والتحريف والزيادة والنقص ، وأما تعريب ذلك المشاهد بالعربية ففيه خطأ كبير ، وزيادات كثيرة ونقصان ، ووهم فاحش . وهو من باب تفسير المعبر المعرب ، وفهم كثير منهم بل أكثرهم بل جميعهم فاسد . وأما إن عنى كتب الله التي هي كتبه من عنده ، فتلك كما قال محفوظة لم يدخلها شيء .