يقول تعالى : ( وأما الذين سعدوا ) وهم أتباع الرسل ، ( ففي الجنة ) أي : فمأواهم الجنة ، ( خالدين فيها ) أي : ماكثين مقيمين فيها أبدا ، ( ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ) معنى الاستثناء هاهنا : أن دوامهم فيما هم فيه من النعيم ، ليس أمرا واجبا بذاته ، بل هو موكول إلى مشيئة الله تعالى ، فله المنة عليهم [ دائما ] ، ولهذا يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس .وقال الضحاك ، والحسن البصري : هي في حق عصاة الموحدين الذين كانوا في النار ، ثم أخرجوا منها . وعقب ذلك بقوله : ( عطاء غير مجذوذ ) أي : غير مقطوع - قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وأبو العالية وغير واحد ، لئلا يتوهم متوهم بعد ذكره المشيئة أن ثم انقطاعا ، أو لبسا ، أو شيئا بل ختم له بالدوام وعدم الانقطاع . كما بين هنا أن عذاب أهل النار في النار دائما مردود إلى مشيئته ، وأنه بعدله وحكمته عذبهم; ولهذا قال : ( إن ربك فعال لما يريد ) [ هود : 107 ] كما قال ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) [ الأنبياء : 23 ] ، وهنا طيب القلوب وثبت المقصود بقوله : ( عطاء غير مجذوذ ) .يا أهل الجنة ، خلود فلا موت ، ويا أهل النار ، خلود فلا موت .وفي الصحيحين أيضا : " فيقال يا أهل الجنة ، إن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا " .
المصدر : تفسير : وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُوا۟ فَفِى ٱلْجَنَّةِ خَٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلْأَرْضُ إِلَّا