أو تحتجون أيضا بحجة أخرى، فتقولون: إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ فحذونا حذوهم، وتبعناهم في باطلهم. أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ فقد أودع اللّه في فطركم، ما يدلكم على أن ما مع آبائكم باطل، وأن الحق ما جاءت به الرسل، وهذا يقاوم ما وجدتم عليه آباءكم، ويعلو عليه. نعم قد يعرض للعبد من أقوال آبائه الضالين، ومذاهبهم الفاسدة ما يظنه هو الحق، وما ذاك إلا لإعراضه، عن حجج اللّه وبيناته، وآياته الأفقية والنفسية، فإعراضه عن ذلك، وإقباله على ما قاله المبطلون، ربما صيره بحالة يفضل بها الباطل على الحق، هذا هو الصواب في تفسير هذه الآيات. وقد قيل: إن هذا يوم أخذ اللّه الميثاق على ذرية آدم، حين استخرجهم من ظهره وأشهدهم على أنفسهم، فشهدوا بذلك، فاحتج عليهم بما أقروا به في ذلك الوقت على ظلمهم في كفرهم، وعنادهم في الدنيا والآخرة، ولكن ليس في الآية ما يدل على هذا، ولا له مناسبة، ولا تقتضيه حكمة اللّه تعالى، والواقع شاهد بذلك. فإن هذا العهد والميثاق، الذي ذكروا، أنه حين أخرج اللّه ذرية آدم من ظهره، حين كانوا في عالم كالذر، لا يذكره أحد، ولا يخطر ببال آدمي، فكيف يحتج اللّه عليهم بأمر ليس عندهم به خبر، ولا له عين ولا أثر؟"
المصدر : تفسير : أَوْ تَقُولُوٓا۟ إِنَّمَآ أَشْرَكَ ءَابَآؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّنۢ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا