تفسير إبن كثير: الآية 200 من سورة الْبَقَرَة


فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا وَمَا لَهُۥ فِى ٱلْءَاخِرَةِ مِنْ خَلَٰقٍ

تفسير إبن كثير : القول في تفسير الآية:200 من سورة: الْبَقَرَة


يأمر تعالى بذكره والإكثار منه بعد قضاء المناسك وفراغها .وقوله : ( كذكركم آباءكم ) اختلفوا في معناه ، فقال ابن جريج ، عن عطاء : هو كقول الصبي : " أبه أمه " ، يعني : كما يلهج الصبي بذكر أبيه وأمه ، فكذلك أنتم ، فالهجوا بذكر الله بعد قضاء النسك . وكذا قال الضحاك والربيع بن أنس . وروى ابن جرير من طريق العوفي ، عن ابن عباس نحوه .وقال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس [ قال ] : كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم فيقول الرجل منهم : كان أبي يطعم ويحمل الحمالات [ ويحمل الديات ] . ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم . فأنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم : ( فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا )قال ابن أبي حاتم : وروي عن أنس بن مالك ، وأبي وائل ، وعطاء بن أبي رباح في أحد قوليه ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة في إحدى رواياته ، ومجاهد ، والسدي ، وعطاء الخراساني ، والربيع بن أنس ، والحسن ، وقتادة ، ومحمد بن كعب ، ومقاتل بن حيان ، نحو ذلك . وهكذا حكاه ابن جرير أيضا عن جماعة ، والله أعلم .والمقصود منه الحث على كثرة الذكر لله عز وجل ; ولهذا كان انتصاب قوله : ( أو أشد ذكرا ) على التمييز ، تقديره كذكركم آباءكم أو أشد منه ذكرا . و " أو " هاهنا لتحقيق المماثلة في الخبر ، كقوله : ( فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) [ البقرة : 74 ] ، وقوله : ( يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية ) [ النساء : 77 ] ، ) وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ) [ الصافات : 147 ] ، ( فكان قاب قوسين أو أدنى ) [ النجم : 9 ] . فليست هاهنا للشك قطعا ، وإنما هي لتحقيق الخبر عنه بأنه كذلك أو أزيد منه . ثم إنه تعالى أرشد إلى دعائه بعد كثرة ذكره ، فإنه مظنة الإجابة ، وذم من لا يسأله إلا في أمر دنياه ، وهو معرض عن أخراه ، فقال : ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ) أي : من نصيب ولا حظ . وتضمن هذا الذم التنفير عن التشبه بمن هو كذلك . قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف ، فيقولون : اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن . لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا ، فأنزل الله فيهم : ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ) وكان يجيء بعدهم آخرون [ من المؤمنين ] فيقولون : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) فأنزل الله : ( أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب ) ولهذا مدح من يسأله للدنيا والأخرى

المصدر : تفسير : فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ ٱلنَّاسِ


تفسير إبن كثير - تفسير الجلالين - التفسير الميسر
تفسير السعدي - إعراب القرأن الكريم - تفسير البغوي
francaise - Sahih - English - Amazigh
محرك بحث عميق
أي من الكلمات (Any word) كل الكلمات (All words)

موقع القرآن والسنة


Sunday, December 22, 2024