تفسير إبن كثير: الآية 5 من سورة الْحَشْر


مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰٓ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيُخْزِىَ ٱلْفَٰسِقِينَ

تفسير إبن كثير : القول في تفسير الآية:5 من سورة: الْحَشْر


وقوله تعالى : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ) اللين : نوع من التمر ، وهو جيد .قال : أبو عبيدة : وهو ما خالف العجوة والبرني من التمر .وقال كثيرون من المفسرين : اللينة : ألوان التمر سوى العجوة .قال : ابن جرير : هو جميع النخل . ونقله عن مجاهد : وهو البويرة أيضا ; وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حاصرهم أمر بقطع نخيلهم إهانة لهم ، وإرهابا وإرعابا لقلوبهم . فروى محمد ابن إسحاق ، عن يزيد بن رومان ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان أنهم قالوا : [ فبعث بنو النضير ] يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنك تنهى عن الفساد ، فما بالك تأمر بقطع الأشجار ؟ فأنزل الله هذه الآية الكريمة ، أي : ما قطعتم وما تركتم من الأشجار ، فالجميع بإذن الله ومشيئته وقدرته ورضاه ، وفيه نكاية بالعدو وخزي لهم ، وإرغام لأنوفهم .وقال مجاهد : نهى بعض المهاجرين بعضا عن قطع النخل ، وقالوا : إنما هي مغانم المسلمين . فنزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه ، وتحليل من قطعه من الإثم ، وإنما قطعه وتركه بإذنه . وقد روي نحو هذا مرفوعا ، فقال النسائي : أخبرنا الحسن بن محمد ، عن عفان حدثنا حفص بن غياث ، حدثنا حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ) قال : يستنزلونهم من حصونهم وأمروا بقطع النخل ، فحاك في صدورهم ، فقال المسلمون : قطعنا بعضا وتركنا بعضا ، فلنسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل لنا فيما قطعنا من أجر ؟ وهل علينا فيما تركنا من وزر ؟ فأنزل الله : ( ما قطعتم من لينة )وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده : حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا حفص ، عن ابن جريج ، عن سليمان بن موسى ، عن جابر - وعن أبي الزبير ، عن جابر - قال : رخص لهم في قطع النخل ، ثم شدد عليهم فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله ، علينا إثم فيما قطعنا ؟ أو علينا وزر فيما تركنا ؟ فأنزل الله ، عز وجل : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله ) .وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع نخل بني النضير وحرق .وأخرجه صاحبا الصحيح من رواية موسى بن عقبة ، بنحوه ولفظ البخاري من طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : حاربت النضير وقريظة فأجلى بني النضير ، وأقر قريظة ، ومن عليهم حتى حاربت قريظة فقتل من رجالهم ، وقسم نساءهم ، وأولادهم ، وأموالهم بين المسلمين ، إلا بعضهم لحقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فأمنهم وأسلموا ، وأجلى يهود المدينة كلهم بني قينقاع ، وهم رهط عبد الله بن سلام ، ويهود بني حارثة ، وكل يهودي بالمدينة .ولهما أيضا عن قتيبة ، عن الليث بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرق نخل بني النضير وقطع - وهي البويرة - فأنزل الله ، عز وجل فيه : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ) .وللبخاري رحمه الله ، من رواية جويرية بن أسماء ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرق نخل بني النضير . ولها يقول حسان بن ثابت ، رضي الله عنه :وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطيرفأجابه أبو سفيان بن الحارث يقول :أدام الله ذلك من صنيع وحرق في نواحيها السعيرستعلم أينا منها بنزه وتعلم أي أرضينا نضيركذا رواه البخاري ولم يذكره ابن إسحاق .وقال محمد بن إسحاق : وقال كعب بن مالك يذكر إجلاء بني النضير وقتل ابن الأشرف :لقد خزيت بغدرتها الحبور كذاك الدهر ذو صرف يدوروذلك أنهم كفروا برب عظيم أمره أمر كبيروقد أوتوا معا فهما وعلما وجاءهم من الله النذيرنذير صادق أدى كتابا وآيات مبينة تنيرفقال ما أتيت بأمر صدق وأنت بمنكر منا جديرفقال : بلى لقد أديت حقا يصدقني به الفهم الخبيرفمن يتبعه يهد لكل رشد ومن يكفر به يجز الكفورفلما أشربوا غدرا وكفرا وجد بهم عن الحق النفورأرى الله النبي برأي صدق وكان الله يحكم لا يجورفأيده وسلطه عليهم وكان نصيره نعم النصيرفغودر منهمو كعب صريعا فذلت بعد مصرعه النضيرعلى الكفين ثم وقد علته بأيدينا مشهرة ذكوربأمر محمد إذ دس ليلا إلى كعب أخا كعب يسيرفماكره فأنزله بمكر ومحمود أخو ثقة جسورفتلك بنو النضير بدار سوء أبارهم بما اجترموا المبيرغداة أتاهم في الزحف رهوا رسول الله وهو بهم بصيروغسان الحماة موازروه على الأعداء وهو لهم وزيرفقال : السلم ويحكم فصدوا وحالف أمرهم كذب وزورفذاقوا غب أمرهم دبالا لكل ثلاثة منهم بعيروأجلوا عامدين لقينقاع وغودر منهم نخل ودورقال : وكان مما قيل من الأشعار في بني النضير قول ابن لقيم العبسي - ويقال : قالها قيس بن بحر بن طريف ، قال ابن هشام الأشجعي :أهلي فداء لامرئ غير هالك أحل اليهود بالحسي المزنميقيلون في جمر الغضاة وبدلوا أهيضب عودا بالودي المكممفإن يك ظني صادقا بمحمد يروا خيله بين الصلا ويرمرميؤم بها عمرو بن بهثة إنهم عدو وما حي صديق كمجرمعليهن أبطال مساعير في الوغى يهزون أطراف الوشيج المقوموكل رقيق الشفرتين مهند تورثن من أزمان عاد وجرهمفمن مبلغ عني قريشا رسالة فهل بعدهم في المجد من متكرمبأن أخاكم فاعلمن محمدا تليد الندى بين الحجون وزمزمفدينوا له بالحق تجسم أموركم وتسموا من الدنيا إلى كل معظمنبي تلافته من الله رحمة ولا تسألوه أمر غيب مرجمفقد كان في بدر لعمري عبرة لكم يا قريش والقليب الملممغداة أتى في الخزرجية عامدا إليكم مطيعا للعظيم المكرممعانا بروح القدس ينكى عدوه رسولا من الرحمن حقا بمعلمرسولا من الرحمن يتلو كتابه فلما أنار الحق لم يتلعثمأرى أمره يزداد في كل موطن علوا لأمر حمه الله محكموقد أورد ابن إسحاق ، رحمه الله ، ها هنا أشعارا كثيرة ، فيها آداب ومواعظ وحكم ، وتفاصيل للقصة ، تركنا باقيها اختصارا واكتفاء بما ذكرناه ، ولله الحمد والمنة .قال ابن إسحاق : كانت وقعة بني النضير بعد وقعة أحد ، وبعد بئر معونة . وحكى البخاري ، عن الزهري ، عن عروة أنه قال : كانت وقعة بني النضير بعد بدر بستة أشهر .

المصدر : تفسير : مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰٓ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيُخْزِىَ


تفسير إبن كثير - تفسير الجلالين - التفسير الميسر
تفسير السعدي - إعراب القرأن الكريم - تفسير البغوي
francaise - Sahih - English - Amazigh
محرك بحث عميق
أي من الكلمات (Any word) كل الكلمات (All words)

موقع القرآن والسنة


Friday, November 22, 2024