تفسير السعدي: الآية 59 من سورة النُّور


وَإِذَا بَلَغَ ٱلْأَطْفَٰلُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَـْٔذِنُوا۟ كَمَا ٱسْتَـْٔذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءَايَٰتِهِۦ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

تفسير السعدي : القول في تفسير الآية:59 من سورة: النُّور


وهو إنزال المني يقظة أو مناما، { فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ْ} أي: في سائر الأوقات، والذين من قبلهم، هم الذين ذكرهم الله بقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا ْ} الآية.{ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ ْ} ويوضحها، ويفصل أحكامها { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ْ}وفي هاتين الآيتين فوائد، منها: أن السيد وولي الصغير، مخاطبان بتعليم عبيدهم ومن تحت ولايتهم من الأولاد، العلم والآداب الشرعية، لأن الله وجه الخطاب إليهم بقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ ْ} الآية، ولا يمكن ذلك، إلا بالتعليم والتأديب، ولقوله: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ْ}ومنها: الأمر بحفظ العورات، والاحتياط لذلك من كل وجه، وأن المحل والمكان، الذي هو مظنة لرؤية عورة الإنسان فيه، أنه منهي عن الاغتسال فيه والاستنجاء، ونحو ذلك.ومنها: جواز كشف العورة لحاجة، كالحاجة عند النوم، وعند البول والغائط، ونحو ذلك.ومنها: أن المسلمين كانوا معتادين للقيلولة وسط النهار، كما اعتادوا نوم الليل، لأن الله خاطبهم ببيان حالهم الموجودة.ومنها: أن الصغير الذي دون البلوغ، لا يجوز أن يمكن من رؤية العورة، ولا يجوز أن ترى عورته، لأن الله لم يأمر باستئذانهم، إلا عن أمر ما يجوز.ومنها: أن المملوك أيضا، لا يجوز أن يرى عورة سيده، كما أن سيده لا يجوز أن يرى عورته، كما ذكرنا في الصغير.ومنها: أنه ينبغي للواعظ والمعلم ونحوهم، ممن يتكلم في مسائل العلم الشرعي، أن يقرن بالحكم، بيان مأخذه ووجهه، ولا يلقيه مجردا عن الدليل والتعليل، لأن الله - لما بين الحكم المذكور- علله بقوله: { ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ ْ}ومنها: أن الصغير والعبد، مخاطبان، كما أن وليهما مخاطب لقوله: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ْ}ومنها: أن ريق الصبي طاهر، ولو كان بعد نجاسة، كالقيء، لقوله تعالى: { طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ ْ} مع قول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الهرة: " إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات "ومنها: جواز استخدام الإنسان من تحت يده، من الأطفال على وجه معتاد، لا يشق على الطفل لقوله: { طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ ْ}ومنها: أن الحكم المذكور المفصل، إنما هو لما دون البلوغ، فأما ما بعد البلوغ، فليس إلا الاستئذان.ومنها: أن البلوغ يحصل بالإنزال فكل حكم شرعي رتب على البلوغ، حصل بالإنزال، وهذا مجمع عليه، وإنما الخلاف، هل يحصل البلوغ بالسن، أو الإنبات للعانة، والله أعلم.

المصدر : تفسير : وَإِذَا بَلَغَ ٱلْأَطْفَٰلُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَـْٔذِنُوا۟ كَمَا ٱسْتَـْٔذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَٰلِكَ


تفسير إبن كثير - تفسير الجلالين - التفسير الميسر
تفسير السعدي - إعراب القرأن الكريم - تفسير البغوي
francaise - Sahih - English - Amazigh
محرك بحث عميق
أي من الكلمات (Any word) كل الكلمات (All words)

موقع القرآن والسنة


Monday, July 22, 2024