يقول تعالى حاكما بتكفير فرق النصارى من الملكية واليعقوبية والنسطورية ممن قال منهم بأن المسيح هو الله ، تعالى الله عن قولهم وتنزه وتقدس علوا كبيرا .هذا وقد تقدم إليهم المسيح بأنه عبد الله ورسوله ، وكان أول كلمة نطق بها وهو صغير في المهد أن قال : ( إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) ولم يقل : أنا الله ، ولا ابن الله . بل قال : ( إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) إلى أن قال : ( وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ) [ مريم : 30 - 36 ] .وكذلك قال لهم في حال كهولته ونبوته ، آمرا لهم بعبادة الله ربه وربهم وحده لا شريك له ; ولهذا قال تعالى : ( وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله ) أي : فيعبد معه غيره ( فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ) أي : فقد أوجب له النار ، وحرم عليه الجنة ، كما قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ النساء : 48 ، 116 ] ، وقال تعالى : ( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين ) [ الأعراف : 50 ] .وفي الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مناديا ينادي في الناس : " إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة " ، وفي لفظ : " مؤمنة " .وتقدم في أول سورة النساء عند قوله : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) [ النساء : 48 ، 116 ] حديث يزيد بن بابنوس ، عن عائشة : الدواوين ثلاثة فذكر منهم ديوانا لا يغفره الله ، وهو الشرك بالله ، قال الله تعالى : ( من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة [ ومأواه النار ] ) الحديث في مسند أحمد .ولهذا قال [ الله ] تعالى إخبارا عن المسيح أنه قال لبني إسرائيل : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) أي : وما له عند الله ناصر ولا معين ولا منقذ مما هو فيه .
المصدر : تفسير : لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓا۟ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ