هذا إخبار عن قصة أصحاب الكهف [ والرقيم ] على سبيل الإجمال والاختصار ، ثم بسطها بعد ذلك فقال : ( أم حسبت ) يعني : يا محمد ( أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ) أي : ليس أمرهم عجيبا في قدرتنا وسلطاننا ، فإن خلق السموات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، وتسخير الشمس والقمر والكواكب ، وغير ذلك من الآيات العظيمة الدالة على قدرة الله تعالى ، وأنه على ما يشاء قادر ولا يعجزه شيء أعجب من أخبار أصحاب الكهف [ والرقيم ] كما قال ابن جريج عن مجاهد : ( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ) يقول : قد كان من آياتنا ما هو أعجب من ذلك!وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ) يقول : الذي آتيتك من العلم والسنة والكتاب ، أفضل من شأن أصحاب الكهف والرقيم .وقال محمد بن إسحاق : ما أظهرت من حججي على العباد ، أعجب من شأن أصحاب الكهف والرقيم .[ وأما " الكهف " فهو : الغار في الجبل ، وهو الذي لجأ إليه هؤلاء الفتية المذكورون . وأما " الرقيم " ] فقال العوفي ، عن ابن عباس : هو واد قريب من أيلة . وكذا قال عطية العوفي ، وقتادة .وقال الضحاك : أما " الكهف " فهو : غار الوادي ، و " الرقيم " : اسم الوادي .وقال مجاهد : " الرقيم " : كان بنيانهم ويقول بعضهم : هو الوادي الذي فيه كهفهم .وقال عبد الرزاق : أخبرنا الثوري ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : " الرقيم " ، قال : يزعم كعب أنها القرية .وقال ابن جريج عن ابن عباس : " الرقيم " الجبل الذي فيه الكهف .وقال ابن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن [ مجاهد عن ] ابن عباس قال : اسم ذلك الجبل بنجلوس .وقال ابن جريج : أخبرني وهب بن سليمان ، عن شعيب الجبائي : أن اسم جبل الكهف بنجلوس ، واسم الكهف حيزم ، والكلب حمران .وقال عبد الرزاق : أنبأنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : القرآن أعلمه إلا حنانا ، والأواه ، والرقيم .وقال ابن جريج : أخبرني عمرو بن دينار ، أنه سمع عكرمة يقول : قال ابن عباس : ما أدري ما الرقيم ؟ أكتاب أم بنيان ؟وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الرقيم : الكتاب . وقال سعيد بن جبير : [ الرقيم ] لوح من حجارة ، كتبوا فيه قصص أصحاب الكهف ثم وضعوه على باب الكهف .وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الرقيم : الكتاب . ثم قرأ : ( كتاب مرقوم ) [ المطففين : 9 ]وهذا هو الظاهر من الآية ، وهو اختيار ابن جرير قال : " الرقيم " فعيل بمعنى مرقوم ، كما يقول للمقتول : قتيل ، وللمجروح : جريح . والله أعلم .
المصدر : تفسير : أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَٰبَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُوا۟ مِنْ ءَايَٰتِنَا عَجَبًا