تفسير إبن كثير: الآية 91 من سورة الْأَنْعَام


وَمَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِۦٓ إِذْ قَالُوا۟ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَىْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَٰبَ ٱلَّذِى جَآءَ بِهِۦ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُۥ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوٓا۟ أَنتُمْ وَلَآ ءَابَآؤُكُمْ قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِى خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ

تفسير إبن كثير : القول في تفسير الآية:91 من سورة: الْأَنْعَام


يقول تعالى : وما عظموا الله حق تعظيمه ، إذ كذبوا رسله إليهم ، قال ابن عباس ومجاهد وعبد الله بن كثير : نزلت في قريش . واختاره ابن جرير ، وقيل : نزلت في طائفة من اليهود ; وقيل : في فنحاص رجل منهم ، وقيل : في مالك بن الصيف .( قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ) والأول هو الأظهر ; لأن الآية مكية ، واليهود لا ينكرون إنزال الكتب من السماء وقريش - والعرب قاطبة - كانوا يبعدون إرسال رسول من البشر ، كما قال [ تعالى ] ( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس [ وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ] ) [ يونس : 2 ] ، وقال تعالى : ( وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ) [ الإسراء : 94 ، 95 ] ، وقال هاهنا : ( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ) قال الله تعالى : ( قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس ) ؟ أي : قل يا محمد لهؤلاء المنكرين لإنزال شيء من الكتب من عند الله ، في جواب سلبهم العام بإثبات قضية جزئية موجبة : ( من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى ) يعني : التوراة التي قد علمتم - وكل أحد - أن الله قد أنزلها على موسى بن عمران نورا وهدى للناس ، أي : ليستضاء بها في كشف المشكلات ، ويهتدى بها من ظلم الشبهات .وقوله : ( تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا ) أي : يجعلها حملتها قراطيس ، أي : قطعا يكتبونها من الكتاب الأصلي الذي بأيديهم ويحرفون فيها ما يحرفون ويبدلون ويتأولون ، ويقولون : ( هذا من عند الله ) [ البقرة : 79 ] ، أي : في كتابه المنزل ، وما هو من عند الله ; ولهذا قال : ( تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا )وقوله : ( وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم ) أي : ومن أنزل القرآن الذي علمكم الله فيه من خبر ما سبق ، ونبأ ما يأتي ما لم تكونوا تعلمون ذلك أنتم ولا آباؤكم .قال قتادة : هؤلاء مشركو العرب . وقال مجاهد : هذه للمسلمين .وقوله : ( قل الله ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : أي : قل : الله أنزله . وهذا الذي قاله ابن عباس هو المتعين في تفسير هذه الكلمة ، لا ما قاله بعض المتأخرين ، من أن معنى ) قل الله ) أي : لا يكون خطاب لهم إلا هذه الكلمة ، كلمة : " الله "وهذا الذي قاله هذا القائل يكون أمرا بكلمة مفردة من غير تركيب ، والإتيان بكلمة مفردة لا يفيد في لغة العرب فائدة يحسن السكوت عليها .وقوله : ( ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ) أي : ثم دعهم في جهلهم وضلالهم يلعبون ، حتى يأتيهم من الله اليقين فسوف يعلمون ألهم العاقبة ، أم لعباد الله المتقين؟

المصدر : تفسير : وَمَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِۦٓ إِذْ قَالُوا۟ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ


تفسير إبن كثير - تفسير الجلالين - التفسير الميسر
تفسير السعدي - إعراب القرأن الكريم - تفسير البغوي
francaise - Sahih - English - Amazigh
محرك بحث عميق
أي من الكلمات (Any word) كل الكلمات (All words)

موقع القرآن والسنة


Sunday, December 22, 2024