( فلما نسوا ما ذكروا به ) أي : أعرضوا عنه وتناسوه وجعلوه وراء ظهورهم ( فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) أي : فتحنا عليهم أبواب الرزق من كل ما يختارون ، وهذا استدراج منه تعالى وإملاء لهم ، عياذا بالله من مكره ; ولهذا قال : ( حتى إذا فرحوا بما أوتوا ) أي : من الأموال والأولاد والأرزاق ( أخذناهم بغتة ) أي : على غفلة ( فإذا هم مبلسون ) أي : آيسون من كل خير .قال الوالبي ، عن ابن عباس : المبلس : الآيس .وقال الحسن البصري : من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به ، فلا رأي له . ومن قتر عليه فلم ير أنه ينظر له ، فلا رأي له ، ثم قرأ : ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) قال الحسن : مكر بالقوم ورب الكعبة ; أعطوا حاجتهم ثم أخذوا . رواه ابن أبي حاتم .وقال قتادة : بغت القوم أمر الله ، وما أخذ الله قوما قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعيمهم فلا تغتروا بالله ، إنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون . رواه ابن أبي حاتم أيضا .وقال مالك ، عن الزهري : ( فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) قال : إرخاء الدنيا وسترها .وقد قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن غيلان ، حدثنا رشدين - يعني ابن سعد أبا الحجاج المهري - عن حرملة بن عمران التجيبي ، عن عقبة بن مسلم ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب ، فإنما هو استدراج " . ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون )ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم ، من حديث حرملة وابن لهيعة ، عن عقبة بن مسلم ، عن عقبة بن عامر ، بهوقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا عراك بن خالد بن يزيد ، حدثني أبي ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن عبادة بن الصامت [ رضي الله عنه ] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " إن الله [ تبارك وتعالى ] إذا أراد بقوم بقاء - أو : نماء - رزقهم القصد والعفاف ، وإذا أراد الله بقوم اقتطاعا فتح لهم - أو فتح عليهم - باب خيانة "( حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) كما قال : ( فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين )
المصدر : تفسير : فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَٰبَ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا